Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
أحداث المغرب اليوم
24 décembre 2010

آراء

هل يكرر الـ"بام" أخطاء حزب الاستقلال في الريف؟


هل يكرر الـ"بام" أخطاء حزب الاستقلال في الريف؟

محمد أمزيان




كيف تدهورت ثقة الريفيين في السلطة "الجديدة" بهذه السرعة بعدما "رممت" الزيارات الملكية المتوالية بعض الثقة في ثقب الجدار العازل بين الريف والمركز/المخزن؟ سؤال يطرح نفسه أكثر من أي وقت مضى بعد أحداث "بوكيدارن" الأخيرة في الريف الأوسط.

فقد عادت هذه الأحداث بذاكرة الريفيين إلى أحداث نهاية 1958 وبداية 1959، ذلك أن أوجه الشبه بين الحدثين أكثر من ملموسة. أطر شابة همشتها الأزمة الاجتماعية والاقتصادية بسبب غياب تصور حقيقي لاستيعاب هذه الطاقات، تفشي ظاهرة الزبونية الحزبية التي أنتجت حالة من اليأس العام، إقصاء جانب من النخبة الريفية عن المشاركة في الإدارة الحقيقية للبلد لأسباب سياسوية، تنحي جانب آخر من النخبة الريفية ’طواعية‘ عن الانخراط في العملية التنموية التي لم تعد تستهوي غير المنتفعين.

هذه الوضعية أنتجت حالة احتقان كامنة تطفو على السطح عند كل احتكاك. وهنا مكمن الخطورة. فالاحتقان يعني ببساطة "فقدان الثقة" أولا، في السلطة التي يجسدها رجالها المعينون من قبل مؤسسة القصر والداخلية والأجهزة الأمنية. وثانيا، في المستقبل بسبب ابتعاد الأحزاب التقليدية عن هموم المواطنين وتوسع طموحات الحزب السياسي الجديد، حزب الأصالة والمعاصرة الذي لا يعدم استخدام أسلوب الجزرة والعصا لتحقيق أهدافه المعلنة وغير المعلنة، لدرجة يحتار معها المواطن العادي عن كيفية التعامل معه، وهو ما عبر عنه أحد المستشارين المحليين بقوله: الانضمام لهذا الحزب مشكلة والابتعاد عنه مشكلة.

كان هذا أيضا حال الريف في السنوات الأولى من الاستقلال، حينما عمد حزب الاستقلال إلى تسخير أجهزة الدولة لتوسيع هياكله على حساب الأحزاب الأخرى رغم قلتها آنذاك. فحدث أن تكونت صورة لدى عموم الريفيين، هي أن حزب الاستقلال والسلطة وجهان لعملة واحدة. ولم تجد آنذاك تحذيرات العقلاء نفعا من أن الاستمرار في نهج سياسة "المغرب لنا لا لغيرنا"، في إشارة واضحة لإقصاء الآخر، ستؤدي لا محالة إلى الانفجار. هذا الشعار لا يبتعد كثيرا عن شعار "الحد من بلقنة" المشهد السياسي المغربي الذي يبرر به حزب الأصالة والمعاصرة زحفه الحالي على دواليب السلطة في المغرب.


محمد أمزيان

مبدئيا، من حق حزب الأصالة والمعاصرة أن ينشط ويعزز صفوفه بالأتباع والمناصرين ويوسع حضوره على كافة التراب المغربي، فهذا مطمح كل حزب سياسي. ومن حق أي مواطن ومناضل مغربي أن ينضم لهذا الحزب أو غيره ويعمل في الوقت ذاته على إقناع الآخرين بما اقتنع به هو. كما كان لحزب الاستقلال، وما يزال، كامل الحق في توسيع هياكله وأركانه في الريف وتعزيز صفوفه بالأتباع والمريدين. فحرية التعبير والاختيار وحرية تأسيس الجمعيات والمؤسسات وما شابه ذلك والانضمام إليها، حق من الحقوق الأساسية للإنسان.

بيد أنه ليس من الحق في شيء أن يتحول حزب سياسي إلى ما يشبه ’"دولة" قائمة بذاتها تدور في فلكها كل الأجهزة والمؤسسات. فالمواطن لم يعد الآن يفرق بين "البام" والدولة، وهذا ما يقوي سطوة النفاق السياسي ويغلب المصلحة الذاتية على المصلحة العامة من جهة، ويخلق القطيعة بين المواطن والدولة/الحزب من جهة أخرى. تجربة الحزب/الدولة أدخلت المغرب في الماضي في دوامة من الصراعات الداخلية، فهل المغاربة مستعدون - بعد مضي ستة عقود - لتكرار التجربة؟

أساليب الاستقطاب المصحوبة بالقمع البدني والمعنوي قادت في الماضي إلى تصفيات جسدية للخصوم واحتواء لأحزاب قائمة سرعان ما اختفت من الساحة (اختفت كل أحزاب المنطقة الخليفية: حزب الوحدة المغربية، حزب الإصلاح الوطني وحزب المغرب الحر) واختطافات لمعارضين أثثت لما سيسمى لاحقا بسنوات الرصاص.

"الترميمات" الملكية للعلاقة بين الريف والمركز لن تستمر إلى ما لا نهاية، وعلى "البام" أن يستخلص الدروس من الماضي وألا يكرر أخطاء سلفه حزب الاستقلال. ففي الريف لم يدفن الماضي بعد. لقد آن الأوان للتعامل مع الريف بعقلانية ونضوج بعيدا عن المقاربة الأمنية الضيقة والمستعجلة. الريف لبنة أساسية في بناء الوطن كله إن لم يحسن المسؤولون التعامل معها سقطت، وإذا سقطت لبنة الريف انهار البناء كله.

ودون السقوط في شرنقة بعض الردود ضيقة الأفق عقب أحداث "بوكيدارن" الأخيرة، والتي تنعت الريفيين مجانا بالانفصاليين وتجار المخدرات والتهريب، يمكن القول إن الأخطاء السياسية التي يراكمها المركز ومن يمثله تجاه المنطقة، أدت إلى ميلاد جيل جديد من الريفيين يفكر جديا في إعادة تقييم علاقة الريف بالمركز. سبق أن قلت في إحدى المناسبات إن الانفصاليين الحقيقيين ينبغي البحث عنهم في العاصمة وليس في الريف.

* صحفي بإذاعة هولندا العالمية – القسم العربي

capnador.com

Publicité
Publicité
Commentaires
أحداث المغرب اليوم
Publicité
Publicité